Thursday, October 24, 2019

الإمام أحمد رضا خان البریلوی و شیئ من حیاته


}1272هـ 1856م ـــ 1340هـ 1921م{

مبسملا و حامدا و مصلیا و مسلما
من المؤمنين الصادقين رجال قبضوا إلى رحمة الله تعالى بعد أن أوفوا بعهدهم في الأيام الخالية جعل الله عزوجل مثواهم الجنة،قال سبحانه تعالى:{مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا (23)} [الأحزاب: 23] و منهم الإمام الرباني البالغ إلى الدرجة القصوى في الفقاهة المحدث الفاصل بين صحيح الحديث وسقيمه المجدد الشيخ أحمد رضا خان البريلوي تغمده الله تعالى برحمته ورأفته – أحسبه كذلك والله حسيبه و لا أزكي على الله أحدا –  سأتحدث عن حياته العلمية الفائقة في السطور الآتية مراعيا غاية الإيجاز والاختصار.
إسم الإمام و لقبه:سمی بـ"محمد" و سماه جده الشیخ رضا علی خان: "أحمد رضا خان" و بھذا اشتھر فی العالم، و بشدة حبه مع لقب نفسه "عبد المصطفی". مولده:ولد الإمام أحمد رضا خان یوم الإثنین في العاشر من شھر الشوال عام 1272هـ الموافق الرابع عشر من أیار سنة 1856م فی مدینة بریلی فی ولایة أترابردیش الھند. نسبه و أجداده:ینتمی الإمام أحمد رضا خان إلی أسرة عریقة "برھیج" ھجرت من إقلیم أفغانستان،قندھار إلی الھند.والده:الشیخ الفقیه "نقی علی بن رضا علی بن كاظم علی بن أعظم شاه بن سعاد یار الأفغانی البریلوی" (1297هـ 1830م) من أحد أكابر الفقھاء الحنفیة قرأ علی أبيه الكتب الدراسیة ثم أخذ الطریقة عن السید آل رسول المارھروی رحمه الله و أسند الحدیث عنه سنة أربع و تسعین وسافر للحج سنة خمسة و تسعین، فحج و زار، و أسند الحدیث عن الشیخ أحمد بن زینی دحلان الشافعی رحمه الله أيضا، و عاد إلی الھند، و له مصنفات عديدة منھا: الكلام الأوضح فی تفسیر الم نشرح، جواھر البیان فی أسرار الأركان، أصول الرشاد فی تصحیح مبانی الفساد وغیرھا. جده:الشیخ "رضا علی بن كاظم علی بن أعظم شاه بن سعاد یار الأفغانی البریلوی (1282ھـ) سافرلطلب العلوم الدينية إلی مدینة (طوك) فلازم القاضی خلیل الرحمن الرامبوری، ثم رجع إلی بلدته بعد أن أتقنها، وتصدر للتدریس، أخذ عنه كبار علماء الھند.وفاته:توفی الإمام أحمد رضا خان رحمه الله في یوم الجمعة 25 من الصفر سنة 1340هـ الموافق 28 تشرین الأول 1921م بمدینة البریلی، الھند، وشاع خبروفاته، فوفد الناس من كل فج عمیق للمشاركة في تشییع جنازته و تقدیرا لشخصیته الكریمة ودفن فی بریلی.
نشأته:
فقد نشأ فی حجر والده المفتی "نقی علی خان" و ھو أحد أعیان علما البلد، فكانت نشأة الإمام فی بیت العلم و العلما، درس العلم فی مدرسة والده "مصباح التھذیب" المعروف بـ"مصباح العلوم". و عرف فی صغره برجاحة العقل و حصافته، وقوة الذاكرة.
وقد اتجه منذ حداثة سنه ونعومة أظفاره إلی العلم، فبدأ بحفظ الحدیث و المتون و تعلم القرآن والعلوم العربیة منذ صغره، حتی بدأ یتكلم اللغة العربیة الفصحی وعمره أقل من عشر سنوات، ولقد درس الإمام علی صفو الأساتذة، وفرغ من الدراسة وجلس للتدریس والإفتا وعمره لم یتجاوز أربع عشر سنة.
بعض شیوخه:
(1)جده الأمجد الشیخ المفتی رضا علی خان رحمه الله (1282ھـ)(2) أبوه الشیخ نقی علی خان رحمه الله (1297ھـ1830م)(3) الشيخ الشاه آل رسول المارھروی رحمه الله تعالی (1296ھـ 1879م) وأخذ الطریقة القادریة عنه أیضا(4) الشیخ غلام قادر بیك اللكنوی رحمه الله (1336ھـ 1917م) (5)الشیخ أحمد بن زینی دحلان الشافعی المكی رحمه الله (1299ھـ 1881م) (8)الشیخ عبد الرحمن سراج رحمه الله مفتی الحنفیة بمكة المكرمة (1301ھـ 1883م) ۔۹ الشیخ حسین بن صالح جمل اللیل المكی رحمه الله (1302ھـ 1884م) وغيرهم.
بعض تلامذته:
اشتھر ذكر الإمام فی الآفاق، فارتحل الأئمة إلیه من كل فج عمیق، وكثرت طلبته حيث لایحصی عددھم حتی كان رؤوس العلما فی العالم الاسلامی عامة و شبه القارة الھندیة خاصة یفدون إلیه، لذلك نری الكثرة فی فھرس تلامذة الإمام أحمد رضا خان رحمه الله، سأذكر بعض الأعلام منها فقط.
(1)الشیخ السید محمد عبد الحي ابن الشیخ الكبیر السید عبد الكبیر الكتانی الحسنی الإدریسی الفاسی رحمهما الله (1382ھـ)(2) الشیخ حجة الإسلام محمد حامد رضا خان رحمه الله (1362ھ) الولد الأكبر للإمام(3) الشیخ المفتی الأعظم الأسبق في الهند مصطفی رضا خان رحمه الله (1402ھـ) الولد الأصغر للإمام (4)الشیخ محمد ظفر الدین البھاری رحمه الله صاحب"صحيح البهاري" (1382ھـ 1962م) (5)الشیخ أمجد علی الأعظمی رحمه الله (1367ھـ 1978م) وغيرهم.
رحلاته العلمیة:
حج الإمام الرباني رحمه الله سنة 1290ھـ مع والده الكریم، وفي تلك الرحلة طلبه مفتی الشافعیة فی المسجد الحرام الشیخ حسین ابن صالح جمل اللیل رحمه الله أن یترجم كتابه فی أحكام الحج (الجوھرة المضیعة) إلی اللغة الأردیة، فترجمه وعلق علیه، وفی نفس الزیارة التقی مع الشیخ أحمد زینی ابن دحلان المكی رحمه الله.
و حج ثانیا عام 1323ھـ واستقبله علماء الحرمین استقبالا حافلا، أخذوا عنه إجازة فی الحدیث، والفقه، والعلوم الأخری حیث یقول صاحب نزھة الخواطر:’’ وأسند الحدیث ........ عن السید أحمد زینی دحلان الشافعی المكی، والشیخ عبد الرحمن سراج مفتی الأحناف بمكة المكلرمة، والشیخ حسین بن صالح جمل اللیل رحمهم الله جميعا، وذاكر علماء الحجاز فی بعض المسائل الفقھیة، والكلامیة، وألف بعض الرسائل أثناء إقامته بالحرمین، وأجاب عن بعض المسئل التی عرضت علی علماء الحرمین، وأعجبوا بغزارة علمه وسعة اطلاعه علی المتون الفقھیة، والمسائل الخلافیة، وسرعة تحریره، وذكائه‘‘.
فلما سئل عن علم النبی ألف كتابا (الدولة المكیة بالمادة الغیبیة) باللغة العربیة في ثماني ساعات فقط أو مايقاربها، وكانت مسالة النقود الورقیة موضع النقاش فی بلاد الحرمین، واستفتی فیھا، فألف الإمام رسالة ممتعة دون مراجعة أي كتاب اعتمادا على ذهنه، وسماه:(كفل الفقیه الفاھم فی أحكام قرطاس الدراھم) فی اللغة العربیة.
الإمام ومجالاته العلمیة:
جمع الإمام من  العلوم والفضائل والحسنات والكمالات والتصنیفات والتالیفات مالایأتی علیه الحصر، كان فقیھا، أصولیا متكلما، حافظا،ورعا، زاھدا، عابدا، مفسرا، شاعرا، ناقدا بصیرا، لم تقصر مھارته علی علم دون آخر بل تنوع واتسع حتی شمل أكثر من خمسین علما منه:
الفقه وأصوله، الحدیث ومتعلقاته، وعلوم القرآن، التاریخ والسیرة، والعقیدة، المنطق والفلسفة، الحساب والریاضیات والھندسة واللغارمات، التوقیت، النحو والأدب، والتصوت، كتب فی اللغة الأردیة والعربیة والفارسیة وغیر ذلك، وتشھد بفضله وغزارة علمه تآلیفه الموجودة بایدی الناس، وقد رزق الإتقان الكبیر والانصاف الكامل فیھا، قال عبد الحی اللكنوی والد أبی الحسن الندوی فی نزھة الخاوطر:’’اشتغل بالعلم علی والده ولازمه مدة طویلة حتی برع فی العلم، وفاق أقرانه فی كثیر من الفنون لاسیما الفقه وأصوله.
الفقه وأصوله:
كان الإمام أحمد رضا خان رحمه الله فقیھا مبتكرا حیث وصل إلی درحة الاجتھاد فی الفقه الحنفی، وأضاف إلی تراث الفقه الإسلامی البحوث القیمة، والتحقیقات الشائقة، قال العلامة الجلیل السید إسماعیل بن خلیل المكی الحنفی رحمه الله (1339ھـ) أمین مكتب الحرم بعد اطلاع عدة مباحث فی الفتاوی الرضویة:’’والله أقول، والحق أقول: إنه لو رآها أبوحنیفه رحمه الله تعالی لأقرت عینه، ولجعل مؤلفھا من جملة الأصحاب‘‘.
الحدیث وعلومه:
كان الإمام عبقریا فی الحدیث النبوی، درس كتب الحدیث، وأتقن علومه حیث برع فیه، لایخفی هذا على من راجع كتبه، ووقف علی طریقة استدلاله من القرآن الكریم .
قال الأستاذ الدكتور مصطفی ابوعمارة أستاذ الحدیث وعلومه بجامعة الازھر الشريف بعد اطلاعه علی كتاب الإمام أحمد رضا خان رحمه الله (الھاد الكاف فی حكم الضعاف):’’ھكذا یسترسل المؤلف فی قضایا المصطلح بالشرح والتحلیل، ویؤید كلامه بالنقل من كلام أئمة ھذا الشان كالنووی والعراقی، وابن الصلاح، وابن حجر ...... الخ. وھو لیس مجرد ناقل بل یوازن بین الآراء، وھو بتلك الموزنة یشعرك بأنه یفقه قواعد المحدثین فقھا دقیقا، ولایقف عند حرفیتھا، بل یفھم مضمونھا، وما ترمی إلیه موثقا فھمه منھا بمن سبقه من أھل ھذا الفن ....... فالكتاب وحید فی بابه فرید فی مادته، لایستغنی عنه طالب علم الحدیث، ولایغنی عنه غیره.
علم الكلام والعقیدة ورد البدعات والمنكرات:
أجاد الإمام أحمد رضا خان رحمه الله علم الكلام وأتقنه وله عدة مؤلفات فی ھذا الفن، یشھد علی ذلك كتابه "المستند المعتمد بناء نجاة الأبد، و الدولة المكیة، و إنباء الحی" وكان ینكر البدعات الشائعة فی المجتمع الھندی، قال عبد الحی اللكنوی والد أبی الحسن الندوی:’’كان ......... يرى حرمة سجدة التحیة، وألف فیھا رسالة سماها:"الزبدة الزكیة لتحریم سجود التحیة"  وھی رسالة جامعة تدل علی غزارة علمه، وقوة استدلاله ....... یحرم الغناء بالمزامیر، یحرم صنع الضرائح منسوبة إلی الحسین - علیه وعلی آبائه السلام - التی یصنعھا أھل الھند بالقرطاس، و یسمونھا: التعزیة.
مؤلفاته العلمیة:
الإمام أحمد رضا خان رحمه الله لم یقتصر له الجھد المتواصل فی مجال التالیف فقط بل توسعت دائرته إلی الإفتاء، والتدریس، والعمل الدعوي، ومواجھة الاستعماروالقادیانیة والتیارات المنحرفة والھندوسیة وغیرھا،ولم یبق فن من الفنون إلا وأتقنه، وأدرك أسراره، وسبر أغواره، وألف فیه.
قال عبد الحی اللكنوی والد أبی الحسن الندوی:’’كان عالما متبحرا كثیرالمطالعة، واسع الاطلاع، له قلم سیال، وفكر حافل فی التآلیف، تبلغ مؤلفاته ورسائله علی روایة بعض مترجمیه إلی خمس مئة مؤلف، أكبرھا "الفتاوی الرضویة" فی مجلدات كثیرة ضخمة.
وأذكر بعض مؤلفات الإمام بالإيجاز:
(1) الإجازات المتینة لعلماء بكة والمدینة (2)اجلی الإعلام أن الفتوی مطلقا علی قول الإمام (3)إزاحة العیب بسیف الغیب (4)إعلام الاعلام بان ھندوستان دارالإسلام (5)إقامة القیامة علی طاعن القیام لنبی تھامة (6)إنباء الحی ان كلامه المصون تبیان لكل شیئ (7)البسط المسجل فی امتناع الزوجة بعد الوطء للمعجل (8)جد الممتار علی رد المحتار (خمس مجلدات) وغیرھا من الكتب القیمة التی تبلغ عددھا زھاء ألف فمن يروم تفاصیله فلیقرا مقدمة ’’البسط المسجل فی امتناع الزوجة بعد الوطء للمعجل‘‘ وھذا الكتاب مطبوع من دارالكتب العلمیة،بیروت،لبنان، والكتاب ’’إنصاف الإمام‘‘ لخالد ثابت مصری، المطبوع من دار المقطم.
الدكتوراه والماجستر فی شخصیة الإمام:
قد حصل كثیر من الباحثین علی درحة الدكتوراه والماجستر علی شخصیة الإمام أحمد رضا خان رحمه الله فی جامعات العالم، مثل جامعة الأزهر الشريف، جامعة كولمبيا نيويورك أمريكة،الجامعة الإسلامية العالمية إسلام آباد باكستان، و جامعة المسلم علي جر الهند وغيرها، من يريد معرفتها فليرجع إلى ’’البسط المسجل ........ الخ.
الموقع الإلكترانی الخاص حول دراسات الإمام أحمد رضا خان البريلوي رحمه الله.
من خلال هذه الكليمة عن حياة الإمام البريلوي علمنا أنه كان رجلا موسوعيا قد انتفع الناس بغزارة علمه و مؤلفاته ومازالوا ينتفعون بها والحمد لله على ذلك، وسيستمر هذا إلى يوم القيامة إنشاء الله، تغمد الله تعالى الإمام البريلوي برحمته وكرمه وأكرمه بجعل الجنة مثواه. آمين يا رب العالمين.
(ملخصا بتصرف من’’البسط المسجل فی امتناع الزوجة بعد الوطء للمعجل‘‘ للبريلوي، تحقيق وتعريب:محمد مهربان باروي)


                أبوعاتکة أزهار أحمد الأمجدي المصباحي غفرله             
خریج كلية أصول الدين، قسم الحديث، جامعة الأزهر الشريف، مصر۔
خادم الإفتاء بمرکز تربیة الإفتاء، أوجھاگنج، بستی، یوپی، الھند۔
إی میل: fmfoundation92@gmail.com
رقم المحمول: 00918318177138

4 comments:

  1. ماشاء اللہ بارک اللہ فی علمک و عملک و عمرک و جزاک اللہ خیرا واحسن الجزاء فی الدنیا والآخرۃ

    ReplyDelete
  2. ما شاء الله. سبحان الله. اللهم زد فزد...

    ReplyDelete
  3. ماشاء اللہ بارک اللہ فی علمک

    ReplyDelete

Featured Post

  مبسملا و حامدا و مصلیا و مسلما             یار غار امیر المؤمنین حضرت ابوبکر صدیق اکبر رضی اللہ تعالی عنہ کی ذات محتاج تعارف نہیں، حضور ...

Popular Posts