Thursday, October 24, 2019

"مقالة شكر النعم والتعليق عليها"

مبسلما و حامدا و مصلیا و مسلما
مما لا يرتاب فيه إن هذه المقالة "شكر النعم" تعد من المقالات الدينية الرائعة في عرض الفكرة الخاطئة بين الناس ووصف المعالجة لها بيانا شافيا وراقيا.
فإن الفكرة الفاسدة التي عششت بيتا في نفوس الناس هي ظاهرة الشكوى من ضنك الحياة, وغلاء العيش. فإن راقم الكلمات- بلا شك- أدى الأمانة التي وضعت على كواهله من حيث هو داعية إسلامي فبالتالي من مسئولياته طرح الأفكار الخاطئة و العلاج بها بكل ما تهيأ له من الوسائل المتاحة, فرب المقالة في رقم هذه السطور سلك مسلك الطبيب النابه ذي اليقظة التامة في تشخيص المرض المهلك و توصيفه له دواء يتوسل من خلاله المريض إلى ساحل النجاة وشاطئ الطمانينة والقرار بدل ان يغرق نفسه في أعماق هذا المحيط القاتل.
فإنه بدأ كلامه قائلا: كل يشكو اليوم بضنك معيشته وخشونة شظف عيشه وغلاء الحوائج التي لا بد منها ثم يعد على الناس من الطوائف المختلفة الذين ينتمون إلى عديدات من المجال وعدم كونهم مطمئنين راضيين وقانعين فيما في أيديهم فبالتالي إنهم بدؤا يشكون بصورة تعوق حياتهم من التطور وتمنع عجلات محياهم من التحرك إلى التقدم حتى يبدو أن الحياة كلها أصبحت ذات حسرات  ونقصان وندامة وخسران ومن هنا تأتي مهمة الداعية الاسلامي من حيث إنه يخرج الناس من مثل هذه القعرات ويوصلهم إلى قاعة السلامة والإسلام ومن ثم فإن المؤلف بدأ يحصي عليهم من النعم التي أنعم الله بها علينا وكرمه الذي عم فينا وعطائه الذي أشاد على نفوسنا, وفي المرحلة التالية ينصحهم قائلا: أكان تواجد هذه الأفراح وذلك الرغد من العيش في الأيام الماضية بعيدة الأغوار في الصورة التي تبرز في هذه الآونة؟ ابدا لم يكن هذا أصلا. ثم ينصح الناس قائلا: وهذه الحقائق لا تنكشف عليك جلية إلا بعد أن تنطلق إلى من أصابتهم مصيبة ونزلت عليهم النازلات, وطلعت عليهم طوالع المشاكل والأزمات وأنت في أمن آمن وسلامة سالمة من كل هذه العاهات فالمفروض منك أن تقابل هذه النعم بالشكر والامتنان بينما أنك تعرض عن هذا البيان وتقابله بالشكاوى والكفران.
ثم يحاول صاحب المقال أن يعرض عنان الناس إلى آيات القرآن والأحاديث النبوية الشريفة حيث إنهما أدوية شافية للقلوب المنحرفة فقال: إن الله كثيرا ما وازن الشكر بالكفر فقال: "لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم الخ" وقال: "واشكرولي ولا تكفرون" ويتضح من خلال هذه الآيات جليا بأن كفران النعم ربما يودي إلى الكفرالحقيقي والإنكار إلى ذات الله تعالى.(حفظنا الله به جميعا).
وتعكس هذه المقالة لنا صورة جلية للنصيحة والموعظة الحسنة التي تسرى إلى القلوب وينفذ سهامها إلى داخل سويداء النفوس.
ومن أهم ما تتميز به المقالة أنها قيمة وتدخل ضمن المقالات الموضوعية حيث ظهر فيها الأسلوب العلمي الذي اهتم بإبراز الفكرة ووحدة الموضوع والترابط بين الأفكار وحسن تقسيمها إلى عناصر وأجزاء واحتج فيها المؤلف بالحجج البالغة والأدلة المناسبة حيث جاء بها من القرآن الكريم والسنة النبوية وقد أجاد في أسلوبه بضرب الأمثال وطرح الأسئلة وبالتالي فإنها أصبحت نموذجا رائعا للمقالات الدينية وإن المقالة استوفت شروطها بحيث كانت عباراتها سهلة وواضحة خالية من التفلسف والغموض واستخدم قائلها الألفاظ الرشيدة والعبارات الأنيقة وأيضا أحسن في خاتمتها بحيث لخص كلما قاله ووصل إلى النتيجة المطلوبة بها و نصح الناس وطلب منهم منهج التمسك والالتزام به. فجزاه الله خير الجزاء على ما قدم لنا من الخيرات تمسكا بقول" قدم خيرك وانفع غيرك".

أبوعاتکة أزهار أحمد الأمجدي المصباحي غفرله   
خریج كلية أصول الدين، قسم الحديث، جامعة الأزهر الشريف، مصر۔
خادم الإفتاء بمرکز تربیة الإفتاء، أوجھاگنج، بستی، یوپی، الھند۔
إی میل: fmfoundation92@gmail.com
رقم المحمول: 00918318177138

مسؤولية العلماء

إن الحمد لله الذي بين فضل العالم على غيره بقوله: ((لا يستوي الذين يعلمون و الذين لايعلمون)) و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك و أشهد أن سيدنا و مولانا محمدا عبده و رسوله الذي وضح مسؤلية العلماء؛ فقال:((العلماء ورثة الأنبياء)) و صلى الله عليه و على آله و صحبه و من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد!
فإن من أعظم أبواب استشعار المسؤولية: مسؤولية العلماء؛ فبصلاحهم يصلح كثير من ولاة الأمر وكثير من الخلق، ومن ثمّ حمّلهم الله أمانة التبليغ والوعظ والإرشاد وتقديم الأنموذج الأرقى، وحثهم على بذل النفس والنفيس في ذلك، وجعلهم وارث الأنبياء لهذا كله، وأخذ عليهم الميثاق كما أخذ على الأنبياء.
يقول تعالى: ((وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس ولا تكتمونه)) و يقول أيضا: ((الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولايخشون أحدا إلا الله)) وجعلهم شهداء له على الحق، يقول الله تعالى: ((شهد الله أنه لاإله إلا هو والملائكة وأولوا العلم قائما بالقسط لاإله إلا هو العزيز الحكيم))
ومن ثمّ بين صلى الله عليه وسلم خطورة فقد العلماء الصادقين العالمين العاملين؛ فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رضی اللہ عنهما، قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ: ((إِنَّ اللَّهَ لاَ يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعًا، يَنْتَزِعُهُ مِنَ الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِمًا، اتَّخَذَ النَّاسُ رُءُوسًا جُهَّالاً فَسُئِلُوا، فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا) (متفق عليه)
وأكد هذه المسؤولية في سياق أمر الأمة َأن تقوم بواجب الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، فعنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ عَنِ النَّبِىِّ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ((وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ أَوْ لَيُوشِكَنَّ اللَّهُ أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عِقَابًا مِنْهُ ثُمَّ تَدْعُونَهُ فَلاَ يُسْتَجَابُ لَكُمْ)) (سنن الترمذي)
و عنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ رضی اللہ عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم ۔ : ((أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِر)) (سنن الترمذي)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ رضی اللہ عنه، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم ۔ : ((إِنَّ أَوَّلَ مَا دَخَلَ النَّقْصُ عَلَى بَنِى إِسْرَائِيلَ كَانَ الرَّجُلُ يَلْقَى الرَّجُلَ فَيَقُولُ يَا هَذَا اتَّقِ اللَّهِ وَدَعْ مَا تَصْنَعُ؛ فَإِنَّهُ لاَ يَحِلُّ لَكَ ثُمَّ يَلْقَاهُ مِنَ الْغَدِ فَلاَ يَمْنَعُهُ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ أَكِيلَهُ وَشَرِيبَهُ وَقَعِيدَهُ؛ فَلَمَّا فَعَلُوا ذَلِكَ ضَرَبَ اللَّهُ قُلُوبَ بَعْضِهِمْ بِبَعْضٍ)) ثُمَّ قَالَ: ((لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِى إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ)) إِلَى قَوْلِهِ تعالی: ((فَاسِقُونَ)) ثُمَّ قَالَ: ((كَلاَّ وَاللَّهِ لَتَأْمُرُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلَتَنْهَوُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَلَتَأْخُذُنَّ عَلَى يَدَىِ الظَّالِمِ وَلَتَأْطُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ أَطْرًا وَلَتَقْصُرُنَّهُ عَلَى الْحَقِّ قَصْرًا، أو ليضربن الله بقلوب بعضكم على بعض، ثم ليلعننكم كما لعنهم)) (سنن أبي داؤد)
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضی اللہ عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- قَالَ:
((مَا مِنْ نَبِىٍّ بَعَثَهُ اللَّهُ فِى أُمَّةٍ قَبْلِى إِلاَّ كَانَ لَهُ مِنْ أُمَّتِهِ حَوَارِيُّونَ وَأَصْحَابٌ يَأْخُذُونَ بِسُنَّتِهِ وَيَقْتَدُونَ بِأَمْرِهِ ثُمَّ إِنَّهَا تَخْلُفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خُلُوفٌ يَقُولُونَ مَا لاَ يَفْعَلُونَ وَيَفْعَلُونَ مَا لاَ يُؤْمَرُونَ؛ فَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِيَدِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِلِسَانِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَمَنْ جَاهَدَهُمْ بِقَلْبِهِ فَهُوَ مُؤْمِنٌ وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ)) (صحيح مسلم)
إن کثیر الناس، وخاصة ممن ينسب للعلم، اكتفى بالعبادة والعمل الفردي، وتخلى عن مسؤوليته تجاه الأمة، أو ربما ضعف عن الحق أو ربما حرّف وبدّل وغيّر و سکت، وقد حذرنا الله من كل ذلك كما حدثنا عن بني إسرائيل: ((وإذ قالت أمة منهم لم تعظون قوما الله مهلكهم أومعذبهم عذابا شديدا قالوا معذرة إلى ربكم ولعلهم يتقون فلما نسوا ما ذكروا به أنجينا الذين ينهون عن السوء وأخذنا الذين ظلموا بعذاب بئيس بما كانوا يفسقون))
فانظروا إنه لم ينج إلا الذين قاموا بواجبهم، أما من سكت مع القدرۃ، كان كمن فعل المعصيىة، وقد استشعر علماؤنا عبر التاريخ هذه المسؤولية فحفظ لنا التاريخ نماذج رائعة في ذلك، كم نحتاج أن نتمثلها اليوم، ومن ذلك:
أن الشيخ العز بن عبد السلام رضي الله خرج إلى القلعة في يوم عيد فشاهد الجنود مصطفين بين يدي السلطان نجم الدين أيوب، وقد خرج على قومه في زينته، وأخذ الأمراء يقبلون الأرض؛ فناداه الشيخ بأعلى صوته: يا أيوب! ما حجتك عند الله إذا قال لك: ألم أبوىء لك ملك مصر ثم تبيع الخمور؟ فقال الملك: هل جرى هذا؟ فقال الشيخ: نعم، الحانة الفلانية تباع فيها الخمور، وغيرها من المنكرات تقترف، وأنت تتقلب في نعمة هذه المملكة؟ قال الملك: يا سيدي، هذا ما أنا عملته، هذا من زمان أبي! فقال الشيخ : أ أنت من الذين يقولون: ((إنا وجدنا أباءنا على أمة)) فأمر الملك بإغلاقها فوراً! فلما عاد الشيخ إلى مدرسته، قال له تلاميذه: لم فعلت ذلك، وكان يسعك نصحه بينك وبينه؟ فقال: يا بني! لقد رأيته في تلك العظمة فأردت أن أهينه لئلا تكبر عليه نفسه فتؤذيه، قال التلميذ: ياسيدي أما خفته؟ قال العز: لقد استحضرت هيبة الله تعالى إذ خاطبته فصار السلطان أمامي كالقط!
ومن ذلك: أن الشيخ العز بن عبدالسلام هذا، وقد كان من أشهر علماء عصره، وكان قاضي القضاة في عهد الملك الصالح سلطان دمشق، بلغه أن الملك الصالح اصطلح مع الإفرنج الصليبيين ليعينوه على أخيه سلطان مصر نجم الدين أيوب، وأعطاهم لقاء ذلك (صيدا) وغيرها من حصون المسلمين، ودخل الإفرنج دمشق لشراء السلاح فشق على الشيخ ابن عبدالسلام وأفتى الناس بتحريم مبايعتهم؛ لأنهم يقاتلون به المسلمين وكان يخطب يوم الجمعة في مسجد أمية، فكان من دعائه في الخطبة: (اللهم أبرم لهذه الأمة إبرام رشد، تعز فيه وليك، وتذل فيه عدوك، ويعمل فيه بطاعتك وينهى فيه عن معصيتك) والناس يبتهلون في الدعاء والتأمين، فغضب السلطان لذلك، فعزله من القضاء، واتجه الشيخ إلى مصر مهاجرا، وشق ذلك على أهل دمشق، حتى خشي السلطان ثورتهم بسببه، فأرسل إليه من يقول: (إن السلطان عفا عنك، وردك إلى عملك، على أن تنكسر له وتقبل يده) فما كان من الشيخ إلا أن قال لرسول السلطان: يا مسكين! والله ما أرضى أن يقبل –هو – يدي فكيف أقبل يده؟!! يا قوم! أنتم في واد وأنا في واد، الحمد لله الذي عافاني مما ابتلاكم به !!!
كأني بالعز بن عبد السلام يحدثنا عن قضايانا اليوم وعن مسؤولية العلماء فيها، و هذه النماذج من العلماء هي ما نحتاجه اليوم ولن تصلح الأمة إلا بوجودهم، ولن نعدم وجود أمثالهم في عصرنا لكن الذي يطفو على السطح أولئك الذين رضوا بالحياة الدنيا.
أخيرا لا آخرا أدعو الله سبحانه و تعالى أن يوفق العلماء و الفقهاء لهذه الأمة  بقيام أداء مسؤولياتهم أتم و أكمل الأداء، آمين بجاہ سید المرسلین صلی اللہ علیه وسلم، و ما علينا إلا البلاغ.


 أبوعاتکة أزهار أحمد الأمجدي المصباحي غفرله   
خریج كلية أصول الدين، قسم الحديث، جامعة الأزهر الشريف، مصر۔
خادم الإفتاء بمرکز تربیة الإفتاء، أوجھاگنج، بستی، یوپی، الھند۔
إی میل: fmfoundation92@gmail.com
رقم المحمول: 00918318177138

الشبھات حول الإسلام

بسم الله الرحمن الرحيم

التقدمة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين ، وبعد:
إن الإسلام هو الدين الذي اختاره الله - تعالى - لعباده، منذ أن خلق الخليقة الأولى آدم عليه السلام، يقول الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ} (آل عمران:3، الآیة:19) وجعل لهذا الدين محورًا واحدًا إلى يوم القيامة، هو توحيده جل وعلا، وهو المحور الذي كان يدعو إليه الأنبياء والرسل أقوامهم وأتباعهم، يقول جل ثناؤه: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} (النحل:16، الآیة:36) وقال تعالى:{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (الذاریات:51، الآیة:56) ولكن أحكام هذا الدين كانت تختلف من رسالة إلى أخرى، وكانت تلك الأحكام مقتصرة على أقوام وأفراد في زمان ومكان محددين، حتى بعث الله - تعالى - آخر رسله صلى الله عليه وسلم ومعه آخر رسالة، فجاءت هذه الرسالة عامة للإنس والجن، والأبيض والأسود، والعرب والعجم، وهي الرسالة التي حملت مضمونين جديدين، هما الرحمة والعالمية، لقوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (الأنبياء:21، الآیة:107) إن هذا الدين العالمي الذي يخاطب الناس كافة، لا بد أن يتميز بصفات وخصائص تتناسب مع أحوال الناس وظروفهم في البلاد المتفرقة من العالم، فجاء يحمل في أحكامه التيسير والسعة، فلا تخلو فريضة من الفرائض إلا وقد أضفى عليها الله - تعالى - من اليسر ما يجعل الإنسان قادرًا على تطبيقها والقيام بها على الصورة التي أرادها الله - تعالى - ورسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه - عز وجل - لا يكلف النفس فوق طاقتها أبدًا : {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} (البقرة:2، الآیة:286) وتتوضح لنا هذه الحقيقة في رسالة الإسلام بشكل أكثر عندما تتم المقارنة بين ما كانت عليها الأمم السابقة من المشقة والعنت، وما صارت عليه أمة الإسلام من يسر وسهولة، يقول الله تعالى: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (الأعراف:7، الآیة:157) فقد خفف الله - تعالى - عن عباده الأغلال والأثقال التي كانت ترافق شرائعهم فتثقل بها كواهلهم، وهذا فضل كبير من الله سبحانه تعالى لهذه الأمة، مع هذه السماحة واليسر حاول أعداء الإسلام عبر العصور إثارة الشبهات حول الإسلام وكان للقرآن والحديث من ذلك الحظ الأوفر.
        وبعد فشل الحروب الصليبية اشتد ترويج هذه الشبهات خوفا من المد الإسلامي من جهة وطمعا في القضاء على الإسلام من جهة أخرى؛ فتوالت حملات التشكيك من خصوم الإسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرنا من الزمان في مصادره القيمة من القرآن والحديث خاصة وفي مبادئه وتعاليمه عامة، ولا تزال الشبهات القديمة تظهر حتى اليوم في أثواب جديدة يحاول مروجوها أن يضفوا عليها طابعا علميا زائفا.
ووجه الغرابة في ذلك يتمثل في أن الإسلام في الوقت الذي جاء فيه يعلن للناس الكلمة الأخيرة لدين الله على الأرض لم ينكر أحد من أنبياء الله السابقين ولا ما أنزل عليهم من كتب سماوية، ولم يجبر أحدا من أتباع الديانات السماوية السابقة على اعتناق الإسلام، ولم يقتصر الأمر على عدم الإنكار، و إنما جعل الإسلام الإيمان بأنبياء الله جميعا وما أنزل عليهم من كتب عنصرا أساسيا من عقيدة كل مسلم بحيث لا تصح هذه العقيدة بدونه، ومن شأن هذا الموقف المتسامح للإسلام إزاء الديانات السابقة أن يقابل بتسامح ممثل وأن يقلل من عدد المناهضين للإسلام. ولكن الذي حدث كان على العكس من ذلك تماما؛ فقد وجدنا الإسلام على مدى تاريخه يتعرض لحملات ضارية من كل اتجاه، ومواجهة ذلك ببذل جهود علمية مضاعفة من أجل توضيح الصورة الحقيقية للإسلام، ونشر ذلك على أوسع نطاق.
        ولم يقصر علماء المسلمين على مدى تاريخ الإسلام في القيام بواجبهم في الرد على هذه الشبهات كل بطرقته الخاصة وبأسلوبه الذي يعتقد أنه السبيل الأقوم للرد، وهناك محاولات جادة بذلت في الفترة الأخيرة للدفاع عن الإسلام في مواجهة حملات التشكيك.
عناصر البحث في:
(1) اليسر والسماحة في الإسلام.
_مفهوم اليسر.
_الدين الإسلامي قائم على اليسر والسماحة .
_مجالات التيسير والسماحة في الإسلام .
(2) شبهات حول القرآن:
_شبهات المستشرقين حول ربط الإسلام بعبادة الأوثان.
_شبهات المستشرقين حول الحنيفية وأنها مصدر من مصادر القرآن.
_اعتبار الصابئة من مصادر القرآن.
(3) شبهات حول النبي صلى الله عليه وسلم وسننه.







(1) اليسر والسماحة في الإسلام:
مفهوم اليسر: اليسر لغة: ضد العسر، ومنه "الدين يسر" أي سهل سمح، قليل التشديد. (المعجم الوسيط، مادة: يسر)
اليسراصطلاحا: فهو تطبيق الأحكام الشرعية بصورة معتدلة كما جاءت في كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، من غير تشدد يحرم الحلال، ولا تميع يحلل الحرام .
الدين الإسلامي قائم على اليسر والسماحة: إن الدين الإسلامي بمجمله قائم على اليسر ورفع الحرج ابتداء من العقيدة وانتهاء بأصغر أمور الأحكام والعبادات بشكل يتوافق مع الفطرة الإنسانية وتتقبله النفس البشرية من غير تكلف أو تعنت، وهذا ما أشار إليه الله تعالى في مواطن كثيرة من كتابه العزيز منها قوله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (الحج:22، الآیة:78) وقوله أيضًا: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} (البقرة:2، الآیة:185) وقوله عز وجل: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} (النساء:4، الآیة:28)
وتلت هذه الآيات الكريمات السنة النبوية بأحاديث كثيرة تحمل معاني اليسر في أمور الدين وعدم التنطع والتشدد في العبادات والطاعات؛ فقد أشار عليه الصلاة والسلام إلى أن من أهم ما تميزت به رسالة الإسلام عن غيرها من الرسالات السماوية السابقة هي السماحة واليسر كما في قوله صلى الله عليه وسلم : ((إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا وأبشروا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة)) (صحيح البخاري، كتاب الإیمان، باب الدين يسر، ج1ص23،رقم:39)
        والمتعمق في السيرة النبوية يجد أن سلوك النبي صلى الله عليه وسلم وتعامله مع صحابته مبني على منهج التيسير والسماحة، والشواهد أكثر من أن تعد أو تحصى، ولكن نكتفي بسرد حادثة وقعت لأحد الصحابة وجاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، يريد مخرجا لها وهو صحابي فقير لا يملك قوت يومه، وهي تغني عن جميع ما كان يقع للصحابة من إحراجات.
يقول أبو هريرة رضي الله عنه: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل؛ فقال: يا رسول الله هلكت، قال: ((ما لك؟)) قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((هل تجد رقبة تعتقها؟)) قال: لا، قال: ((فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟)) قال: لا، فقال: ((فهل تجد إطعام ستين مسكينا؟)) قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيها تمر - والعرق: المكتل - قال: ((أين السائل؟)) فقال: أنا، قال: ((خذها فتصدق بها)) فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه ثم قال: ((أطعمه أهلك)) (صحيح البخاري،كتاب الصوم،باب إذا جامع في رمضان،ج3ص32،رقم:1936)
مجالات التيسير والسماحة في الإسلام:
1_ في العقيدة: تميز الدين الإسلامي عن غيره من الأديان والعقائد بوضوح العقيدة وسهولة الإيمان بالله تعالى، حيث أمر الناس بعبادة الله وحده، وأنه الإله الواحد الذي لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد، بيده ملكوت السموات والأرض، لا معبود سواه، وليس فيها غموض وغبش كما في العقائد الأخرى من تجزئة الواحد إلى ثلاثة، وليس فيها استهانة بالعقل الإنساني ليعبد أحجارا وأشخاصا وحيوانات كما في البوذية وغيرها، وإنما هي عقيدة في غاية من اليسر والسماحة.
2_ في العبادات: يظهر مبدأ اليسر والمسامحة جليا في العبادات أكثر من غيرها من أمور الدين، حيث إنها سلوك ظاهر، فجميع العبادات قائمة على هذا المبدأ الذي خص الله تعالى به هذه الأمة من غيرها من الأمم، المفروضة منها والنوافل، يقول عليه الصلاة والسلام: ((عليكم بما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا)) (صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب أحب الدين إلى الله عز وجل أدومه، ج 1 ص 24، رقم:43)
        3_ في المعاملات: لم يقتصر التيسير في الإسلام على العقيدة والعبادة بل تعداه إلى المعاملات التي تأخذ مساحة واسعة من حياة الإنسان العملية، فالتجارة والصناعة والزراعة والتعليم وغيرها، يدخل جميعها تحت مظلة المعاملات، والناس في المعاملات أكثر عرضة للمعاصي والآثام، لأن المحرك لها هو المال، ومعلوم مدى تأثير المال في نفس الإنسان وطباعه وسلوكه، لذلك كانت النصوص القرآنية والنبوية تترى في اتباع التيسير والمسامحة في المعاملات، يقول عليه الصلاة والسلام: ((رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى)) (صحيح البخاري، كتاب الاعتكاف، باب السهولة والسماحة في الشراء والبيع، ج 2 ص 730، رقم:2076) ويقول أيضا: ((من أقال مسلما أقاله الله عثرته يوم القيامة)) (السنن الكبرى للبيهقي، باب من أقال المسلم إليه بعض السلم وقبض بعضا، ج 6 ص 44، رقم:11128)
        4_ في العقوبات: لقد تميزت الشريعة الإسلامية عن غيرها من الشرائع والقوانين في التشريع الجنائي ووضع العقوبات المناسبة لأفعال الناس التي تضر بالأنفس والأموال والأعراض وغيرها، حيث أضفت الشريعة على هذه العقوبات ألوانا من السماحة واليسر، بحيث تتقبلها النفس الإنسانية في كل أحوالها بل تطالب بها إذا وقعت مثل تلك الأفعال، وينجلي هذه السماحة والسعة من خلال ما يلي:
عقوبة قتل النفس: إن قتل النفس بغير حق يعد من أكبر الجرائم وأعظمها عند الله تعالى، يقول الله عز وجل: {ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ذلكم وصاكم به لعلكم تعقلون} (الأنعام:6، الآیة:151)
ويظهر يسر الإسلام وسماحته في تطبيق العقوبة على القاتل من خلال النقاط الآتية:
_لايؤخذ أحد بجريمة أحد، أي أنه لا يعاقب إلا القاتل نفسه، بدون تعسف أو تعد، بخلاف ما كانت عليه الجاهلية، حيث يقتل بالرجل أكثر من الواحد، كلها بسبب جريمة قتل وقعت لأحد أفرادهم، لقوله عز وجل: {ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا} (الإسراء:17، الآیة:33)
        _ إن من يسر الإسلام وسماحته أن جعل المجال مفتوحا أمام ولي أمر المقتول وخيره بين إحدى ثلاث: القصاص أو الدية أو العفو، لقوله صلى الله عليه وسلم : ((من أصيب بدم أو خبل (الخبل: الجراح) فهو بالخيار بين إحدى ثلاث: إما أن يقتص أو يأخذ العقل أو يعفو، فإن أراد رابعة فخذوا على يديه فإن فعل شيئا من ذلك ثم عدا بعد؛ فقتل؛ فله النار خالدا فيها مخلدا)) (مصنف ابن أبي شيبة، ج 5 ص 463، رقم:27996)
        _ ومن يسر الإسلام أيضا وسماحته قبل تطبيق هذه العقوبة أنه يغري أهل المقتول بما عند الله تعالى، إذا تجاوزوا عن القاتل وعفوا عنه، لقوله صلى الله عليه وسلم : ((ما عفا رجل إلا زاده الله به عزا ولا نقصت صدقة من مال ولا عفا رجل قط إلا زاده الله عزا)) (مسند أحمد،ج 15ص404،رقم:9643)
        مفهوم الشبهة: الشبهة لغة الالتباس، وأما شرعا فهي: ما التبس أمره فلا يدرى أحلال هو أم حرام، وحق هو أم باطل (ج) شبه. (المعجم الوسيط،مادۃ:شبه)
        شبهات حول القرآن:
        شبهة المستشرقين حول ربط الإسلام بعبادة الأوثان: قالوا: مما دعا الإسلام الوحدانية وكان ذلك بتأثير الوسط الوثني الذي نشأ فيه الإسلام.
        الرد عليها: لاريب أن المسلمين لا ينكرون أن الوحدانية أمر أصيل فآدم عليه السلام أنزل بالتوحيد والدعوة لعبادة الله وحده ونبذ الشرك بأنواعه وتكررت هذه الدعوة على ألسنة الرسل بين أقوامهم كما قال الله تعالى في القرآن الكريم: {وما أرسلناك من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون} (الأنبیاء:21، الآیة:25)
        وقد نقل إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام هذه الدعوة إلى أرض الجزيرة ولكن مع تقادم العهد نسى العرب نصيبا مما ذكروا به فطمسوا التوحيد بالشرك فجاءت دعوة المصطفى صلى الله عليه وسلم لتذكيرهم بدعوة أبينا إبراهيم عليه السلام والتوجه في سائر الأعمال لله الواحد الأحد ونبذ بعبادة الأوثان والشرك بكل أنواعه؛ فدعوة المصطفى صلی الله عليه وسلم للوحدانية لم يكن بتأثير الوسط الوثني كما زعم الممستشرقون بل في صدى للدعوة الأولى دعوة إبراهيم عليه السلام؛ لأن أصلهما واحد، والناظر في التوراة و الإنجيل والقرآن وأي كتاب سماوي آخر يجد أن هذه الدعوة متكررة على لسان كافة أنبياء الله فلا غرابة إذن من تجديد الدعوة لها في الإسلام على لسان رسولنا صلى الله عليه وسلم. والقرآن الكريم مليئ بالآيات القرآنية الداعية لتوحيد الله تعالى، منها: قوله تعالى: {وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة} (البینة:98،الآیة:5)
        كذلك أوضح القرآن هذه القضية في دعوة إبراهيم عليه السلام كما أنه كان داعية إلى هذا التوحيد، قال تعالى: {إن إبراهيم كان أمة قانتا لله حنيفا ولم يك من المشركين} (النحل:16،الآیة:120)
        شبهة المستشرقين حول الحنیفية وأنها مصدر من مصادر القرآن:
        ذهب بعض المشتشرقين ومنهم"تسدال"و"مستر كانون سل" وغيرهما إلى أن الحنیفية ورجالها قبل البعثة المحمدية هم أحد مصادر القرآن الكريم.
الرد عليها:
مفهوم الحنیفية: الحنفية هي مركبة من الحاء والنون والفاء عربية الأصل وهي بمعني الميل يقال للذي يمشي على ظهور قدميه أحنف، والأصح أن الحنف اعوجاج في الرجل إلى الداخل والحنيف: المائل إلى الدين المستقيم قال الله تعالى: {ما كان إبراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما} (آل عمران:3، الآیة:67) والأصل هو هذا، ثم اتسع في تفسيره فقيل: الحنيف الناسك ويقال هو المختون، ويقال: المستقيم الطريقة، ويقال: هو يتحنف أي يتحری أقوم الطريق.
فالحنفاء مجموعة من الناس متفرقين مالواعن الوثنية وعن عبادة الأوثان إلى التوحيد، إذن فلم يكن هؤلاء على رأي واحد ولا طائفة واحدة تسير على شريعة واحدة ثابتة، و إنما هم نفرمن قبائل شتى ظهروا في مناطف مختلفة اتفقت فكرتهم في رفض عبادة الأوثان وفي الدعوة إلى الإصلاح.
        الحنفاء على دين إبراهيم: والذي يؤكد أنهم كانوا على دين إبراهيم عليه السلام ومحافظين على بقايا شرعه ما حصل من زيد بن عمرو بن نفيل كما حدثت بذلك أسماء بنت أبي بكر قالت: لقد رأيت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره إلى الكعبة يقول: يا معشر قريش والذي نفس زيد بيده ما أصبح منكم على دين إبراهيم غيري.
        بين القرآن والحنفاء: والناظر بأدنى تأمل في القرآن الكريم وما أتى به هؤلاء الحنفاء يرى البون الشاسع بينهما، يرى باسطة ما دعوا إليه ويرى مقابله قرآنا معجزا في لغته وأسلوبه قد عجز العرب جميعا عن مضاهاته مع فصاحتهم وطلاقة ألسنتهم. وكما أنه من المعروف أن هذا القرآن بقي يتنزل بعد موت هؤلاء الحنفاء حسب ما تقتضيه الحاجة والمصلحة فمن يا ترى هذه الاستمرارية له؟
        الحنفاء أتباع لا متبعون: ثم إن هؤلاء الحنفاء كانوا هم أنفسهم يخبرون الناس بقرب بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم وكانوا يطلبون من الناس أن يتبعوه ولا يخالفون، هم يتمنوا لو يدركوه فيسلموا معه وينصروه، فلو كانوا هم الأصل لدعوته ولتعليمه لقاموا بالدعوة لذلك بأنفسهم وتصدروا أمر الرسالة ونسبوا هذا الشرف العظيم.
        التقاء الإسلام مع الحنفاء يبطل شبهة المستشرقين: أما كون الإسلام التقى مع دعوة الحنفاء في بعض ما صرحوا به واعتقدوه، فلا غرابة في ذلك؛ لأن ما عندهم بقايا لدين إبراهيم عليه السلام والإسلام كلاهما من مصدر واحد وهو الوحي الإلهي. فمن هذا القبيل جاء الاتفاق بينهما بالدعوة إلى وحدانية الله تعالى، ومحاربة الشرك بأنواعها، و لكن كل ذلك كان في الإسلام أتم وأكمل وأشمل. والإسلام ما جاء ليهدم كل ما وجده في طريقه، بل ما كان منه موافقا للإسلام أبقاه ووضح هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: ((بعثت لأتمم مكارم الأخلاق)) (الأدب المفرد للبخاری،باب حسن الخلق،ص104،رقم:273) وهذا المبدأ الذي جعل الرسول صلى الله عليه وسلم يحضر حلف الفضول في دار عبد الله بن جدعان قبل بعثته؛ لأنه كان يمشي مع فطرته صلى الله عليه وسلم. وما كان منه مخالفا له فحاربه كمحاربته التعري حول البيت أثناء الطواف لعدم ملائمته حرمة المكان؛ فهذه هي نقطة اللقاء بين الإسلام والحنفية لا كما يفهم المستشرقون. وبهذا البيان يسقط المصدر المزعوم للإسلام من قبل هؤلاء المستشرقين والحمد لله رب العالمين.
(3) شبهات حول السنة النبوية.
_الاقتصار على القرآن وإنكار السنة:
قال بعض الناس الذين يزعمون أنهم من أهل القرآن، إن اللّه تعالى قد أغنانا بالقرآن من السنة لقوله فيه :{ وَيَوْمَ نَبْعَثُ فِي كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيدًا عَلَيْهِمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَجِئْنَا بِكَ شَهِيدًا عَلَى هَؤُلَاءِ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} [النحل:16،الآیة:89] فالقرآن بيّنٌ، واضحٌ، ومبيِّنٌ لكل شيء؛ فلا يحتاج معه إلى سُنة؛ فلماذا نتكلف البحث فيها والركون إليها أو الاحتجاج بها؟ لماذا نتكلف هذا مع أن اللّه تكفل لنا ببيان كل ما نحتاج إليه في محكم كتابه لقوله تعالى :{ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ} وهو القرآن {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} فلا حاجة إلى أن نكلف أنفسنا عناء البحث في سنَّة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم لنعمل بما فيها وقد أغنانا بالقرآن عنها، ويقول سبحانه في آية أخرى: { وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام:6،الآیة:38] ويريدون بالكتاب القرآن؛ فيكون المعنى ما فرطنا في القرآن من شيء؛ ففي القرآن كل شيء؛ فلا حاجة إلى السنَّة، وهذا إنكار للسنَّة بجملتها أو إنكار للحاجة إليها وإلى الاحتجاج بها في الجملة، اكتفاءً بما جاء في القرآن بهاتين الآيتين .
الجواب على هذه الشبهة :
وقد أجاب العلماء عن الاستدلال بهاتين الآيتين بأجوبة منها: أنه أراد بقوله تعالى : فِي الْكِتَابِ، في قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام:6،الآیة:38] المراد به اللوح المحفوظ.
والسورة مكية، ولم يكن نزل من القرآن إلا قليل، سورة البقرة مدنية، براءة مدنية، النساء مدنية، آل عمران مدنية، كثير من آيات الأحكام والفروع كثير منها مدني، وما يتصل بالصلاة إنما وضح وتبين وتكامل في المدينة، وأحكام المعاملات إنما نزلت في القرآن بالمدينة ونزلت أصولها في القرآن بعد الهجرة، وأحكام الجنايات من قصاص وديات نزلت في المدينة. والسورة، سورة الأنعام كلها مكية على الصحيح، قد يكون منها آيات تشبه الآيات المدنية، كآيات الذبح وذكر اسم اللّه على الذبائح، قد يكون مثل هذا نزل بالمدينة، لكن الغالب عليها أنها مكية؛ فكيف يكون القرآن؟ كيف يكون في الكتاب الذي هو القرآن بيان كل شيء في الوقت الذي نزلت فيه هذه الآية؟ مع أن تلك الأحكام إنما نزلت أصولها في المدينة لا في مكة.
ثم عدد الصلوات وتحديد أوقاتها وعدد ركعاتها وسائر كيفياتها، لم تُعرف من القرآن إنما عُرفت من السنَّة أحكام الزكاة من جهة النصاب ومن جهة المستحقين، لم تكن عُرفت في مكة، بل فريضة الزكاة لم تكن شُرعت في مكة إنما الذي شُرع الصدقات العامة، وفرض الزكاة وبدايتها إنما كان في المدينة؛ فبيان المستحقين للزكاة إنما نزل في المدينة في سورة التوبة: { إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِين وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ} [التوبة:9،الآیة:60] إلى آخر الآية التي فيها الأصناف الثمانية، ثم النصاب نصاب الزكاة ليس محددًا في القرآن، وشرطها وهو حول الحول ليس محددًا في القرآن ولا مبينًا فيه؛ فالواقع يدل على أن القرآن اشتمل على الأصول العامة، وأنه لم يكن فيه كل شيء.
تفسير الكتاب في قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}:
تفسير الكتاب بالقرآن في آية : {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} تفسير غير صحيح، إنما المراد به اللوح المحفوظ الذي هدى اللّه تعالى القلم أن يكتب فيه ما كان وما هو كائن إلى يوم القيامة. أما الآية الأخرى وهي: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} فيقال فيها: المراد بالكتاب القرآن، ولكن سورة النحل التي نزلت فيها هذه الآية أو هذه الجملة سورة مكية، ولم يكن نزل التشريع كله في مكة إنما نزلت أصول التوحيد وما يتصل بمعجزات الرسول صلى الله عليه وسلم في مكة، وأما الفروع؛ فقد نزلت في المدينة؛ فكيف يقال: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ} بالكتاب في هذه الآية من سورة النحل القرآن، لكن ليس المراد ببيانه لكل شيء بيانه لجميع أحكام الفروع، إنما هو مثل الآية التي قال اللّه فيها: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} [الأحقاف:45،الآیة:25] إخبارًا عن الريح التي أرسلها اللّه جل شأنه على عاد قوم هود، أرسل عليهم ريحًا وقال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} وهي إنما دمرت قوم هود: دمرت عادًا ودمرت ديارهم؛ فالأمارات الحسية، أو الأدلة الحسية وواقع الهالكين الذين هلكوا وتحدث اللّه عنهم في القرآن يدل على أن المراد بالآية الخصوص لا العموم، كذلك قوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} إلى آخر الآية هي مما أريد به الخصوص، وإلا ففي أي آية من الآيات بيان عدد الصلوات، وبيان تفاصيل الزكوات، أو بيان الحج إلى بيت اللّه الحرام بأصله وتفاصيله؟ الشبهات المتوجهة إلى الإسلام كثيرة والرد عليها وفور يحتاج إلى الكتاب برأسه مشتمل على المجلدات؛ فأنا أكتفي هنا على ما مضى.

الخاتمة: من خلال هذا السرد الموجز عن سماحة الإسلام ويسره في تطبيق الأحكام والقيام بالعبادات وغيرها والشبهات التي وجهت إليه والإجابة عنها ظهر أن مبدأ اليسر والسماحة ثابت في هذا الدين وكذلك وسطيته في كل جوانبه، في العقيدة والعبادة والمعاملة والسلوك وغيرها، وهو امتثال لقوله تعالى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا} (البقرۃ:2،الآیة:143) لكن تقرير مبدأ المسامحة والتيسير في الدين لا يعني:
- الإخلال بمقاصد الشريعة والدين؛ فلا يفهم من مبدأ التيسير أنه تفريط في تطبيق أحكام هذا الدين وتنفيذ أوامره؛ لأن هذا اليسر لا يكون في إثم أو معصية كما روت أم المؤمنين عائشة - رضي الله عنها - في حديث سابق: ((ما خُيّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثما فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه)) (صحیح البخاری، كتاب المناقب، باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم،ج4ص189،رقم:3560) فيجب ملاحظة ذلك والحذر منه .
والإسلام من بدايته حتى الآن يواجه المشككين فيه وشبهاتهم؛ فقالوا أن القرآن شعر وأعجمي والنبي الذي نزل عليه القرآن ساحر مجنون لكن الله تعالى رد شبهات المشككين في نحورهم وأعلمهم أن القرآن ليس بشعر وأعجمي بل هو منزل من الله سبحانه تعالى والنبي صلى الله عليه ليس بمجنون وساحر بل مصطفى مجتبى رسول الله إليهم؛ فإنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى لكن طبع على قلوبهم فهم لا يعقلون، ومن ذرية هؤلاء المشككين ما زالو يحاولون أن يلقوا الشبهات في القرآن والسنة حتى يشتبه الإسلام على المسلين والله من ورائهم محيط؛ فخلق العلماء المحققين الذين قاوموا هذه الشبهات حق المقاومة في الأزمان كلها بعد هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من الدنيا إلى الآخرة وسيقاومون مثل هؤلاء العلماء الردود والشبهات الموجهة إلى الإسلام حتى يوم القيامة إن شاء الله، هكذا فالإسلام ينمو و يزداد أهله بدون الوقوع في التردد من ناحية الإسلام في رعاية القرآن والحديث والعلماء من الجهابذة، آمين، والحمد لله رب العالمين الذي وفقني هذا العمل والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

ثبت المراجع:
القرآن الكريم
صحيح البخاري
السنن الكبرى للبيهقي
مصنف ابن أبي شيبة
مسند أحمد بن حنبل
المعجم الوسيط
اليسر والسماحة في الإسلام
دفع شبهات المفترين حول القرآن الكريم
شبهات حول السنة



 أبوعاتکة أزهار أحمد الأمجدي المصباحي غفرله   
خریج كلية أصول الدين، قسم الحديث، جامعة الأزهر الشريف، مصر۔
خادم الإفتاء بمرکز تربیة الإفتاء، أوجھاگنج، بستی، یوپی، الھند۔
إی میل: fmfoundation92@gmail.com
رقم المحمول: 00918318177138

نبذة عن الجامعة الأشرفية وعلمائها


الحمد لله رب العالمين الذي خلق الإنسان فكرمه واصطفى الأنبياء منه دعاة وهداة للبشر إلى عبودية الله جل وعلا و خضوعه له وأعد على أيديهم أرسالا من العلماء والنبلاء الذين قاموا بمهمة الدعوة العظيمة في كل زمان ومكان خالصة له، والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما. أما بعد:
فإن الدعاة و الدعوة السليمة لها دورة كبيرة وأهمية عظيمة في غايتها في الإسلام، بها اتسع نطاقه وانتشر أتباعه في الدنيا كلها، وقد قامت بإعداد الدعاة المدارس والجامعات بأنواعها المتشتتة التي بنيت على أيدي خدمة الدين في أطراف العالم ونواحيه منذ القدم. نظرا إلى هذه الدورة وتلك الغاية قد أسست المدارس والجامعات العديدة على وجه الأرض من الهند أيضا. منها:"دار العلوم الأشرفية مصباح العلوم"أذكر عن تاريخها وخدماتها وبعض أعلامها نبذة سريعة فيما يلي:
في شرق ولاية "أترابراديش" مدينة صناعية تجارية علمية تسمى بـ"مباركفور" وهي مقر الجامعة الأشرفية التي أنشأتها شخصيات بارزة من الشعب المسلم كمعهد دراسي للأطفال لتعليم القرآن الكريم ودراسة الصفوف الإبتدائية في بيت صغير سنة 1317هـ سموه بـ"مدرسة مصباح العلوم" ومازالوا يديرون دفتها ويقدمونها نحو الأمام بما لديهم من رغبة دينة وعواطف إسلامية، ويوفرون لها التبرعات المالية والنذور المادية رغم ضآلة الوسائل وقلة المواد ثم أغلقت أبوابها بظهور اختلاف شديد حول بعض العقائد الدينية والمفاهيم الشرعية، وذلك عام 1329هـ.
ثم قام بعض أعيان أهل السنة بإنشاء نفس المدرسة مرة ثانية عام1341هـ في حارة "براني بستي" بعنوان"المدرسة اللطيفية الأشرفية مصباح العلوم" نسبة إلى الشيخ عبد اللطيف الجشتي المدفون بقرية ستهن"SATTHIN" بمديرية سلطان فور، والشيخ علي حسين الأشرفي رحمهما الله تعالى.
وما زالت المدرسة تقوم بتزويد الجيل المسلم بالثقافة والتربية الدينية حسب نفوذها وإمكانياتها على نطاق غير فسيح، حتى تفضل بالقدوم سنة 1352هـ الموافق سنة 1932م عبقري إسلامي، وداعية كبير، حافظ الملة والدين فضيلة الشيخ عبد العزيز المحدث المرادآبادي (1312هـ-1396) رحمه الله جل وعلا، وتولى رئاسة هيئة التدريس حائزا منصب"رئيس المعلمين وشيخ الحديث" فارتفع مستواها العلمي، وتوسع نطاقها العلمي والدرسي، ولما طار صيتها أرجاء الهند جعل الطلاب يتهافتون عليها تهافت الفراش على النور والظمآن على الماء، وبدؤوا يأتون إلى الشيخ من كل فج عميق للشرب من نميره الفياض والتملؤ من عينه الثرة الصافية حتى ضاقت المدرسة بمارحبت.
ثم انتقلت من حارة"براني بستي" إلى حارة "غولا بازار" بقلب مدينة مبارك فور سنة 1353هـ بمساعي حافظ الملة والدين، وتم هنا إنشاء بناية فخمة جميلة ذات طابقين، وسميت بـ" دارالعلوم الأشرفية" وسارت ببركته الروحانية وجلالته العلمية نحو مستقبل زاهر تحمل خططا واسعة، ولم تبرح الدار تقوم بشئونها التعليمية والتربوية والإدارية في تلك البناية الجميلة، ولم تزل دوائرها تتطلب توسيعها.
حتى نقلها حافظ الملة سنة 1392هـ المصادفة سنة 1972م إلى أراضي فسيحة خارج المدينة في جهة الجنوب تقارب ثمانية وعشرين فدانا ((28ACRE حيث يجزي تشييد بنايات واسعة لأقسام الجامعة المختلفة وفق ماتمس إليها الحاجة، وبلغت مساحة الأرض الآ ن أربعين فدانا (40ACARE) بزيادة ما اشترى منها بعد ذلك، وسميت الدار بعد ما ذكر من نهضتها التقدمية الجلية بـ "الجامعة الأشرفية".
والجامعة في تقدم مستمر، ولا تزال تجري أعمالها الدراسية والإنشائية والبنائية بكل سكينة ووقار، واقتصاد واتزان. ولله الحمد والمنة أنها قد فازت في قيادة أبناء الأمة إلى هداية الضوء الإسلامي وإلى طرق التفوق في كل دورب الحياة الإنسانية، وازدهرت الجامعة كأنها رمزالدين والإسلام وأهل السنة والجماعة في هذا العصر- عصر الصحوة الإسلامية والنهضة الدينية -  وتحولت حاليا إلى محور حيوي تطوف حوله كافة نشاطات أهل السنة والجماعة في بلاد الهند، والجامعة تحتوي على زهاء عشرين معهدا يتفيأ في ظلالها ستة آلاف طالب وطالبة. يعود فضلها إلى الأيدي العامة المخلصة التي تبذل الجهود المكثفة والمساعي المتواصلة، مثل فضيلة الشيخ عبد الحفيظ المصباحي رئيس المجلس الإداري بالجامعة وأصحابه. والجامعة تلتمس من أصحاب الخير والإحسان من المسلمين في الهند وخارجها أن يقوموا بالمساعدات المالية بطريق إرسال التبرعات والهدايا لسد مصاريفها الباهظة الشاقة. إن الله لا يضيع أجر المحسنين.
والجدير بالإلمام أن الطلاب الذين يتخرجون من "الجامعة الأشرفية مصباح العلوم" يضمون عقب اسمه "المصباحي" انتسابا إلى"مصباح العلوم".
والجامعة الأشرفية فيها شعاب عديدة للتعليم والتعلم أذكرها إجمالا فيما يلي:
شعبة التخصص: (1) تخصص في الفقه (2) تدريب في الإفتاء (3) تخصص في تقابل الأديان(4) تخصص في الحديث و علومه.
الشعبة العامة: (1) المرحلة الإبتدائية (2) المرحلة الثانوية (3) المرحلة العالية (العالمية) (4) المرحلة العليا (الفضيلة) (5) قسم تحفيظ القرآن الكريم (6) قسم تجويد القرآن الكريم وترتيله: (أ) برواية حفص عن الإمام عاصم (ب) القراءات السبعة (ت) القراءات الثلاثة الباقية العشرة (7) المدرسة الإبتدائة للبنات (8) المدرسة الثانوية للبنات (9) معهد التدريب على الخياطة والتطريز للبنات (10) معهد التدريب على الكمبيوتر (11) معهد التدريب على التدريس.
          أقسام غيردراسية:
(1) قسم الصحافة والنشر: قامت الجامعة الأشرفية بتأسيس قسم الصحافة والنشر إلى ما تقتضيه الأوضاع الراهنة والظروف المعاصرة من الحاجات الملحة إلى خطوات بارزة مسرعة في مجال الصحافة والنشر والتوزيع وقد تم طبع عديد من الكتب بين صغير و كبير بعنايته حتى الآن.
          (2) المجلس الشرعي: من له إلمام بالأوضاع والظروف يعرف جيدا أن العلوم الطبعية بلغت اليوم قمة الرقى والإزدهار، ولا تزال في تقدم مستمر نحو الأمام، تظهر مختريات عجيبة إلى حيز الوجود بجهود علماء ها المتواصلة وتتوفر بها تسهيلات عديدة لكل من يعيش في العالم المعاصر، ولكنها رغم ما سبق من المنتجات والفوائد أوقعت الفقهاء والمفتين في حيرة وقلق لما تعقد من أحكامها في الشريعة الإسلامية، فوجب عليهم أن يقوموا بإستعلامها من القرآن الكريم والسنة النبوية وأصول الشريعة الإسلامية وفق ما تقرر القواعد، ثم يطلعوا الناس عليها ولكن القيام بهذه المسئولية الكبرى لكل واحد منه في غاية الصعوبة لأجل ما يعانون من مشاكل اقتصادية، وكانت الحاجة ماسة إلى إنشاء لجنة تتكون من العلماء الباحثين وكبار المفتين الذين لهم رغبة كاملة إلى شئون الأمة الدينة، لطرح حلول القضايا الجديدة والمسائل العويصة، تتيح لهم فرصة ذهبية للاجتماع والتشاور وإبداء ما خلد في قلوبهم من الآراء بصدد القضية التي نبذ ت على ساحة المناقشة، وتقوم بهداية الأمة الإسلامية إلى الصراط المستقيم.
          فأول من شعر بأهميتها وخطورتها هم أعيان "الجامعة الأشرفية" الذين رزقهم الله تعالى مع الإيمان عواطف إسلامية صادقة، مشاعر دينية مخلصة فقاموا بتكوين هذه اللجنة باسم "المجلس الشرعي" سنة 1413هـ/1992م وتم ترشيح العديد من العلماء المهرة كأعضاء المجلس، ثم شكلت هيئة حاكمة محتوية على ثلاثة من كبار الفقهاء والإفتاء، من مسئولياتها أن تستمع إلى الأبحاث والمنقشات والآراء من العلماء، ثم تقوم بطرح الحلول القضايا التي استعصت على الحاضرين المشتركين.
          و عقدت بعنايته ست عشرة ندوة فقهية علمية فأكثر حول قضايا حديثة هامة أذكر إحداها تفصيلا فيما يلي:
          الندوة الأولى: عقدت من 1/جمادي الأولى إلى4/جمادي الأولى سنتة 1414هـ الموافق 18/أكتوبر سنة 1993م من يوم الإثنين إلى يوم الخميس، فيها ست جلسات خاصة وجلسة الأخيرة عامة.
          عناوينها فيما يلي:
          (ألف) أحكام الأدوية الممزوجة بالكحول، والأشياء المصبوغة.
          (ب) حكم التأمين على الحياة والنقود.
          (ت) حكم الاشتراك في شركة رأسمالية واشتراء حصصها.
          الندوة السادسة عشرة: عقدت من 21/سفر المظفر إلى 23/سفر المظفر سنة 1429هـ.

          (3) قسم الإفتاء والقضاء: هذه الشعبة مشتملة على أربعة أفراد من المفتين والفقهاء (1) رئيس قسم الإفتاء والقضاء المفتي محمد نظام الدين المصباحي (2) المفتي محمد معراج عالم المصباحي (3) المفتي بدرعالم المصباحي (4) المفتي محمد نسيم المصباحي.
          هذه اللجنة المخلصة من الفقهاء تحلل المسائل الدينية وغيرها الموجهة إليها من الهند وخارجها بدقة ولغة سهلة. كل يوم تصدر الفتاوى من مكتب القضاء أربعين أوخمسين عددا فأكثر، التي أرسلت إليه من مكتبة البريد فضلا عن المعضلات الشفوية الموجهة إليه.
(4) مجلس البركات: تم تأسيسه سنة 1419هـ/1999م لتذييل الكتب الدراسية بالتعليقات والحواشي، وتأليف كتب جديدة بطراز نافع حديث في شتى العلوم والفنون، وإخراجها إلى حيز الطباعة والنشر ونشكر ربنا المنعم على إزدهار المجلس حيث يجري عمل التذييل والتعليق على كتب دراسية عديدة، وسوف يتم في ظرف شهور أوسنة، ثم يبتدئ التذييل على كتب أخرى تحتاج إلى شرح أو تعليق إنشاء الله تعالى. والمجلس في جهد مستمر لطباعة بعض الكتب التي تقررت دراستها في المدارس العربية والمعاهد الدينية في الهند، وقدتم هذا العمل المبارك في السنوات الماضية تقريبا بعون الله عز وجل وتوفيقه وما توفيقه إلا بالله.
(5) المكتبات:
(أ) المكتبة الرئيسيةالعامة: هي أكبر المكتبات في الجامعة، وهي خزينة كبيرة للكتب الدراسية وغيرها التي تتصل بعلوم مختلفة من التفسير والحديث وأصوله، والفقه وأصوله، والسيرة والتاريخ والأدب والنحو والصرف والمعاني والبيان والبديع والعلوم العقلية وغيرها، إنها في لغات عديدة، يبلغ الآن عددها عدة آلاف كتب، ولها أهمية كبرى بين مكتباتها. يحصل منها الطلاب على الكتب في شوال كل عام حين بداية السنة الدراسية مجانا، ثم يعيدونها إليها في شعبان بعد أن يتم عقد الامتحان السنوي قبيل إجازة طويلة تحتوي ظرف شهر ونصف تقريبا، ويستفيد منها الأساتذة والعلماء والباحثون، ويشربون من نميرها الصافي الفياض، وفيها عدة مخطوطات لم تطبع حتى الآن.
(ب) مكتبة قسم الصحافة والنشر، تصدر منها مجلة شهرية المسمى بـ"ماهنامه أشرفية" تحتوي على مقالات قيمة وأفكار دينية، ويرسل في مدن الهند كلها تقريبا و البلاد الأخرى أيضا (ت) مكتبة قسم الإفتاء الخاصة (ث) مكتبة اللغة العربية (ج) دار المطالعة العربية (ح) دار المطالعة الأشرفية و غيرها.

الشخصيات البارزة:

        (1) فضيلة الشيخ محمد أحمد المصباحي دام ظله العالي.

اسمه و ولادته: محمد أحمد المصباحي الشهير بـ (خير الأذكياء) ولد سنة 1371هـ الموافق سنة 1952م في قرية بهيره، بمحافظة ماؤ، الولاية اترابراديش.
     نشأته ودراسته: تلقى الشيخ حفظه الله تعالى المرحلة الابتدائية من أمه وأكملها في "المدرسة الإسلامية الرحيمية" بهيره، ثم التحق بـ"المدرسة الأشرفية ضياء العلوم" بخيرآباد وأقام فيها خمس سنوات من 1381هـ - 1386. و بعد ذلك توجه الشيخ إلى "الجامعة الأشرفية" بمبارك فور أعظم جره، للحصول على الدراسات العليا، وتخرج منها 1389هـ/1969م على يد حافظ الملة العلامة عبد العزيز رحمه الله وجعل مثواه الجنة. لما تخرج منها ضم "المصباحي" باسمه نسبة إليها فأصبح "المصباحي" جزء من اسمه حتى إذا أطلق "المصباحي" أريد به الشيخ محمد أحمد المصباحي.
      حياته العلمية والعملية: بعد التخرج منها اشتغل بالتدريس بعدة مدارس وجامعات ثم مازال اشتغل بـ"الجامعة الأشرفية" بالتعليم والتدريس والرشد والهداية، من 1406هـ/1986م حتي الآن.
      مصنفات نافعة في موضوعات شتى منها: (1) تدوين القرآن (2) معين العروض (3) الإمام أحمد رضا والتصوف (4) المحاسبة العلمية في المعجزات (5) الإمام أحمد رضا وبصيرته الفقهية في ضوء كتابه "جد الممتار حاشية على ردالمحتار(5/مجلد) (6) واجبات المتعلم والمعلم وآدابها- كلها باللغة الأردية (7) حدوث الفتن وجهاد أعيان السنن- باللغة العربية.
          وتصدى بترجمة بعض الكتب الإسلامية من الأردية إلى العربية وبالعكس وله أغلى المقدمات والتعليقات على بعض كتب التراث منها: (1) جمل النور في نهي النساء عن زيارة القبور (2) إعداد وتقديم على جزأي"جدالممتار حاشية على رد المحتار" (3) ترجم بعض نصوص"العطايا النبوية في الفتاوى الرضوية" (30/مجلد) من العربية والفارسية إلى الأردية من الجزء الأول، والثالث، والرابع، والتاسع (4) مقامع الحديد على خد المنطق الجديد (5) إعداد وتقديم على"الكشف الشافيا حكم فونوغرافيا، وغيرذلك من الأبحاث والمقالات القيمة.
      سلوكه وأخذه الطريقة: بايع على يد المفتي الأعظم العلامة مصطفى رضا خان النوري بمدينة بريلي في الطرقة القادرية وذلك سنة 1393هـ/1973م.
      خدماته بالجامعة الأشرفية: المصلحون في الأمة الإسلامية هم مشاعل الهداية والرشاد، ومصابيح الأمل والتوجيه، وهم البراهين على الخير لكل من يرجوهم ويطلبهم وشيخنا محمد أحمد المصباحي رئيس هيئة التدريس بـ"الجامعة الأشرفية" من أولئك الرواد في مجال الإصلاح والتجديد في عصرنا هذا. وقد أسهم بدور فعال في إقام الروابط وتوثيق العلاقات بين مختلف المدارس والجامعات الإسلامية في الهند وسعى في تحديث نظمها التعليمية. فجزاه الله خيرالجزاء بفضله ورأفته، وأمنه من الحوادث والكوارث تمام عمره.آمين.

فضيلة الشيخ المفتي الأعظم محمد نظام الدين المصباحي دام فيضه وكرمه

اسمه ومولده: محمد نظام الدين بن خوش محمد الأنصاري بن سخاوت علي الأنصاري بن فتح محمد الأنصاري بن خدا بخش الأنصاري، ولد سنة 1957م في قرية بهوجولي بمحافظة كشي نغرالولاية اترابراديش.

نشأته وتربيته:
ولد في أسرة دينية فوجهته أسرته إلى التعلم الديني حبا في الإسلام، ورغبة في حب النبي عليه الصلاة والسلام فكانت بداية نشاطه التعليمي في قرية اسمها "غلامي جبرا" قريبا من قريته ثم سافرلدراسة المعقول والمنقول إلى المدرسة "الأنجمن معين الإسلام" بمحافظة بستي الولاية اترابراديش، ثم انتقل من هنا إلى "المدرسة عزيز العلوم" بمحافظة بهرائج الولاية اترابراديش أيضا وتعلم فيها إلى الصف السادس من الدراسة العالية ثم التفت إلى "الجامعة الأشرفية" وصلها سنة 1396هـ/1976م في الدراسة العليا من الصف السابع فأراد أنه سيدرس في مدرسة من المدارس الإسلامية بعد تكميل الدراسة العليا من "الجامعة الأشرفية" لكن قبل أن يكمل دراسته ألح إليه أستاذه المشفق نائب المفتي الأعظم محمد شريف الحق الأمجدي المصباحي رحمه الله تعالى (شارح صحيح البخاري) بعد معرفة إرادته لا ينبغي لك أن تعمل كالعلماء الآخرين الذين يجعلون يدرسون بعد اختتامهم الدراسة العليا في مدرسة ما، بل لك أن تمتاز عن الآ خرين وتخصص في موضوع من الموضوعات المحددة من التفسير والفقه كذا وكذا... فاستجاب لأمره الممدوح المكرم واختار الفقه الإسلامي و قال: إن الفقه علم من العلوم الذي يشتمل علي القرآن و الأحاديث والعلوم الأخرى بخلاف ما عداه فإنه مقصور في مجاله، وهكذا فبدأ التخصص في الفقه  بعد تكميل الصف السابع من الدراسة العليا و قبل تخلصه الصف الثامن منها تحت رعاية معلمه المشفق، فسقاه شرابا طهورا وعسلا مصفى من العلم والفقه والمعرفة واستفاد الممدوح نفسه من تحقيقاته وتدريباته وتصنيفاته، وما كانت أية شعبة مستقلة بها قبل ذلك فكأنه سبب بإنجاب شعبة التخصص في الفقه بها التي مستمرة إلى هذا الزمان مع الشعاب الأخرى. وجهد فضيلة الشيخ جهدا بالغا كما أراد الله سبحانه تعالى، وجهده بأخذ العلم يتجلى بما قال لنا أبناء "الجامعة الأشرفية" حينما أراد أن يحرضنا على طلب العلم بجهد مسلسل واستقلال: قد قرأت أكثر رسائل المجدد الإمام أحمد رضا القادري قدس سره في زمن دراستي، وعدد رسالاته تبلغ مبلغ أربع مئات أوأكثر، فمن ناحية يرشد كلامه إلى أنه قد بالغ في تحصيل العلم بقراءة الكتب الأخرى مع الكتب المنهجية، ومن ناحية أنه وإن لم يجد زمن المجدد الإمام أحمد رضا القادري رحمه الله لكنه قد استفاد من كتبه ورسائله مثل الفقهاء الآخرين في الهند استفادة كاملة. حتى استفاض علمه وأصبح حصينا للإسلام والمسلمين. فعين بـ"الجامعة الأشرفية" في ثنايا دراسته 1398هـ مساعدا للمدرسين. وبعد تكميله التخصص في الفقه من خلال سنتين أكمل الدراسة العليا التي بقيت له من المنهج الهندي، ثم  قرر بها مدرسا مستقلا سنة 1398هـ/1980م  وهكذا.
          فهل هو اكتفى بتدريس الطلاب فقط؟
لا! كيف يمكن هذا وهو متحرك فطرة لا جمود فيه ولا كسول فحركته وجده واستعداده قد أبلغه إلى أنه بدأ كتابة الفتوى سنة 1401هـ بعد تدريسه حوالي خمس سنوات، وخطب في أنحاء العالم، وصنف الكتب في مجالات مختلفة، ورد "الفرقة الديابنة" فكتب الفتوى المبسوطة الأولى ردا عليها في بعض المسائل الفروعية لإرتدادها عن الفقه الحنفي، فنشرت هذه الفتوى مع إحدى مصنفات نائب المفتي الأعظم في رد عقائد الديابنة وهذا له إعزاز عظيم.
      الميادين المحبوبة عنده: التدريس، الإفتاء، إنشاء المقالة، إجابة السوالات الموجهة إليه في شئون الإسلام وغيره من الخواص والدهماء في الحفلات والمجالس، الاشتراك في الندوات، قد حضر الممدوح في الملتقات الفقهية وغيرها تبلغ عددها واحدا وخمسين عددا بل أكثر منه بكثير.
مصنفاته: صنف الممدوح المكرم الكتب المختلفة في موضوعات شتى تبلغ ثلاثين كتبا أذكربعضها فيما يأتي:
         (1)عصمة الأنبياء(2) الحواشي الجلية في تائيد مذهب الحنفية (3) شير بازار كى مسائل،أي مسائل حصص الأسواق (3) جديد بينك كاري اور إسلام، أي المصرف البنكي الجديد والإسلام(4) عظمة الوالدين(5) مبارك راتين أي الليالي السعيدة(6) لاؤد اسبيكر كا شرعي حكم أي الحكم الشرعي لاستخدام المزياع في الصلاة(7) كميشن بر صدقات كي وصولي أي حصول الصدقات بالمعولة(8) روضه انور كي زيارت أي زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم(9) مسائل الزكاة (10)علاج كى لئ انساني خون كا استعمال أي استخدام الدم الإنساني للمعالجة (11)اسلام كى سات بنيادي اصول أي الأصول السبعة للإسلام (12)اعضاء كي بيوند كاري أي ترقيع الأعضاء (13) تعميرالمزارات(14) طبيب كى لئ اسلام اورتقوى كي شرط أي شرط الإسلام والتقوى للطبيب (15) دو ملكون كي كرنسيون كا ادهارتبادله وحواله (16)جديد ذرائع ابلاغ اور رويت هلال أي مسئلة روية الهلال و والذارئع الجديدة من الإبلاغ(17) امام بخاري كى حالات أي حالات الإمام البخاري رحمه الله(18) مقدمة للترمزي(بالعربية)(19) تعليق شرح مسلم للنووي(بالعربية) (20) الإمام الترمذي ومآثره العلمية(بالعربية) (21) المحدث أحمد على السهارنفوري(بالعربية) (22) ترجمة صاحب الصحيح: الإمام ابو الحسن مسلم بن الحجاج رحمه الله(بالعربية) (23) ترجمة الشارح: الإمام ابو ذكريا يحي بن شرف النووي شارح صحيح مسلم رحمهما الله(بالعربية) وغيرذلك. وأنشأ المقالات التي تبلغ عددها خمس وعشرين ومئاة مقالة.
      الجوائز القيمة: بهذه الجهود المتوالية وغيرهها مما لم أذكرها قد أحرز قصب السبق حول العلماء والفقهاء من الهند، فلقب بـ"محقق المسائل الجديدة" و "سراج الفقهاء" وقدم إليه إيوارد والجوائز منها: صدر الشريعة ايوارد، حافظي ايوارد،قائد أهل السنة ايوارد.
          المناصب العالية: المدرس، المفتي، ناظم المجلس الشرعي، رئس شعبة الإفتاء بالجامعة الأشرفية، ركن مجلس المشاورة، قاضي الشريعة بمحافظة كوركفور، ركن الملتقى الدهلي، ناظم "مركز تربية الإفتاء" أوجها غنج بمحافظة بستي.
      وسافر إلى بلاد مختلفة منها: برطانية، اسكات ليند، باكستان، ماريشش.
      البيعة والخلافة: بايع على أيدي المفتي الأعظم الشاه مصطفى رضا خان النوري البريلوي، وأخذ والخلافة والإجازة من برهان الملة الشاه محمد برهان الحق جبل بوري، وأمين الملة الشاه محمد أمين القادري المارهروي نسأ الله في عمره.
          فهو من فقهاء الأئمة البررة تفقه في الدين ونبغ فيه، حتى بدأ يحلل المسائل والمشكلات بسهولة ويسر وهذا لا يتأتى إلا من فضل الله عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يرد الله به خيريفقهه في الدين.رواه البخاري. أخذه الله في رعايته وشفاه من المعضلات والمشاكل كلها عاجلا كاملا، وغفر له ذنبه كله، دقه وجله. آمين.

فضيلة الشيخ محمد صدرالورى المصباحي أطال الله عمره
اسمه و ولادته: محمد صدرالورى بن عبد الحميد بن دين محمد، ولد سنة 1972م بقرية "منهدوبار" بمديرية سنت كبير نغر (بستي) الولاية اترابراديش الهند.
في مجال التعلم: قرأ الكتب الإبتدائة في العلوم االمتنوعة بـ" دار العلوم لأهل السنة شمس العلوم" بمنهدوبار،على أيدي الأستاذ شرافت حسين المصباحي وغيره، ثم ارتحل إلى "الجامعة الأشرفية" والتحق به سنة 1983م وبذل الجهد كله للدراسة العليا فيها.
إن فضيلة الشيخ استقر في الجامعة الأشرفية سبعة أعوام وتلقى العلوم المتداولة على أيدي كبار العلماء والنبلاء، منهم: (1) المحدث الكبير ممتاز الفقهاء العلامة ضياء المصطفى القادري الحنفي المصباحي رئيس هيئة التدريس السابق بـ"الجامعة الأشرفية" (2) شيخ القرآن والتفسير العلامة عبد الله العزيزي المصباحي رحمه الله (3) فضيلة الشيخ العلامة عبد الشكور الكياوي المصباحي وغيرذلك.
في مجال التدريس: بعد التخرج من الجامعة الأشرفية نزل في ساحة التعليم والإفادة بحيث عينه أستاذه المكرم مؤسس"الجامعة الأمجدية الرضوية" المحدث الكبير ضياء المصطفى القادري الحنفي" مدرسا للجامعة الأمجدية الرضوية بغوسي، بمديرية ماؤ، الولاية أترابراديش، وقضى فيها ست سنوات، ثم دعاه مدرسا رئيس المجلس الأداري بالجامعة الأشرفية إليها سنة 1996م فلم يزل يدرس فيها من العلوم العقلية والنقلية فهو من حيث المتكلم حالب والطاب شارب من مقاله المحترم العسل المصفى، والآن هو رئيس "قسم تقابل الأديان" فيها.
خدماته العلمية والفكرية: له عدة تعليقات على شروح ومتون شتى، ومقالات مهمة، ورسالات قيمة أخرى تدل على براعته في العلوم العقلية والنقلية والأدب، ها هي ذكرها إجمالا فيما يأتي: (1) تذكار الحكمة (1425هـ) حاشية على هداية الحكمة للأبهري. (2) جمع الفرائد بإنارة شرح العقائد (1422هـ) تعليقات على شرح العقائد لسعد الدين التفتازاني رحمه الله (3) تعليقات على جامع الترمذي (4) التنبيه المسدد على ما في التعليق الممجد للعلامة عبد الحي اللكنوي (5) إستعراض تحقيقي لإتهام الرأي على إمامنا الأعظم أبي حنيفة (رحمه الله) (6) فقاهة صدر الشريعة (العلامة أمجدعلي رحمه الله) في ضوء الفتاوى الأمجدية له (7) الأضواء على تعليقات صدر الشريعة على شرح معاني الآثار للإمام الطحاوي (8) استعراض تحقيقي لما أثير من الشبهات حول"كنز الإيمان في ترجمة القرآن" للإمام المجدد أحمد رضا خان القادري البريلوي (9) "نزهة القاري شرح البخاري" (للفقيه محمد شريف الحق القادري المصباحي رحمه الله) والرد على منكري التقليد (10) نظرة على"الرحلة إلى القمر في الإسلام" (11) المحدث الكبير حياته وخدماته (12) هل يجوز التصغير في حضرة الرسالة؟ (13) شرح حواشي القطبي للسيد الشريف علي بن محمد بن علي الجرجاني (14) قام بالترجمة لـ"منير العين في حكم تقبيل الإبهامين" للإمام المجدد أحمد رضا خان القادري رحمه الله(15) تحقيق وتعليق على: لمعات التنقيح شرح مشكاة المصابيح للعلامة عبد الحق المحدث الدهلوي(958هـ-1052هـ) وغيرذلك من المصنفات والمقالات القيمة.
كمايراه العلماء الفحول:
(1) قال المحدث الكبير العلامة ضياء المصطفى القادري- حفظه الله- تعريفا به في جمع حاشد من العلماء والطلاب:"إن مثله لا ينجبه الزمان إلا بعد عشرات أعوام".
(2) وقال الباحث الإسلامي الأستاذ المحقق محمد عبد الحكيم شرف القادري رحمه الله شيخ الحديث السابق بالجامعة النظامية بلاهور باكستان:
"وفي أثناء القيام بالجامعة (الأشرفية) اطلعت على"حاشية شرح العقائد" باللغة العربية التي ألفها وجمعها أخونا الفاضل العلامة صدر الورى- حفظه الله تعالى ورقاه إلى ذروة مرضياته- أستاذ الجامعة الأشرفية فسررت بحمد الله على حسن التقاطه واقتداره على اللغة العربية.(من تقريظه على جمع الفرائد).
(3) وقال فضيلة الشيخ العلامة أبوبكر بن أحمد الأمين العام لجميعة علماء أهل السنة والجماعة بعموم الهند، ولجامعة مكز الثقافة السنية كارنتور- كاليكوت كيرالا- الهند:
"وقد طالعت تعليقاته على شرح العقائد وحويت على مضموناتها فوجدتها تعليقات قيمة مفيدة جدا لطلاب العقيدة الإسلامية جديرة بالطبع والنشر. وأرجو من الطلبة الكرام أن يعتمدوا عليها في فهم شرح العقائد النسفية (من تقريظه على جمع الفرائد).
وهكذا أثنى عليه العلماء والفقهاء الآخرون أيضا فليس هومجاملة فقط بل هذه التأثرات الجميلة بعد عثورهم على اجتهاده و مقدراته الهائلة، أطال الله عمره وحفظه من كل البلاء والبلواء ورعاه في خدمة الدين والإسلام طوال حياته. آمين.

فضيلة الأستاذ نفيس أحمد المصباحي نسأ الله في أجله

هو عالم جليل وأديب لبيب وكاتب بارع نشاطه في مجال التدريس خصوصا بالأدب والبلاغة محمود و منظور لدى العلماء والنقاد، له مواهب بارزة ومناقب فخمة جعلته موضع ثقة وتقدير لدى العلماء الأعلام.
      اسمه ومولده: نفيس أحمد بن محمد زمان بن علي، ولد في حي من بلدة (سدهور) بمديرية بارة بنكي بالولاية اترابرديش بالهند.
      مجال دراسته: تلقى الدراسات الابتدائة في مدرسة حيه "المدرسة الإسلامية بحر العلوم" على علمائها، ثم جال المدارس الأخرى وأخذ العلوم والفنون، وبعد ذلك التفت سنة 1988م إلى الجامعة الأشرفية في مرحلة الفضيلة النهائية و تخرج منها على أيدي الأساتذة الفحول. والجدير بالذكر أنه فاز في مراحل التعليم كلها منذ المرحلة الابتدائة حتى مرحلة العليا بالدرجة الممتازة أو بالدرجة الأولى، هذا ما يدل على ذكاوته وفطانته.
          أذكر له بعض الأساتذة الكبار الذين شرب من مناهلهم العلوم المتشتتة منهم:
          (1) فضيلة المحدث الكبير العلامة ضياء المصطفى القادري الحنفي المصباحي (2) فضيلة الشيخ العلامة عبد الشكور المصباحي (3) خير الأذكياء العلامة محمد أحمد المصباحي (4) فضيلة الشيخ نصير الدين القادري المشهوربـ"نصير الملة" وغير ذلك.
          مجال تدريسه: بعد أن تخرج من الجامعة الأشرفية قام أولا بأعباء التدريس في مدارس مختلفة فبعد أن أقام بدار العلوم العليمية نحو سنتين استدعاه ولاة أمور الجامعة الأشرفية وعينوه أستاذا في قسم اللغة العربية والبلاغة والأدب، وهو نشيط منذ ذلك الأوان حتى الآن في شئون تدريس الطلبة والناشئين من الجيل الإسلامي الجديد.
      نشاطاته الفكرية والعلمية: ترجم فضيلة الشيخ بعض الكتب من الأردية إلى العربية للإمام المجدد أحمد رضا خان القادري الحنفي رحمه الله وهي كما يلي:
          (1) رد الرفضة (2) الأدلة الطاعنة في أذان الملاعنة (3) أعالي الإفادة في تعزية الهند وبيان الشهادة (4) غاية التحقيق في إمامة العلي والصديق (رضي الله عنهما).
          وله شروح وتعليقات عديدة على الكتب القيمة، ومقالات في مجالات شتى ذكرها مختصرا فيما يلي:

          (1) بردة مدحت: وهو شرح مختصر (2) كشف البردة: وهوشرح مطول (3) شرح قصيدتان رائعتان" للإمام المجدد أحمد رضا خان القادري رحمه الله (4) أصول الحديث (5) كلها باللغة الأردية. (6) شرح ديوان المتنبي (7) نظرة عابرة على حياة الشيخ الأمجدي (المفتي محمد شريف الحق رحمه الله) (8) ترجمة الشيخ عبد الحي الفرنجي المحلي (9) مصباح الإنشاء (10) ترجمة الشيخ المفتي عبد الله التونكي (11) التعريف بمؤلف "أصول الشاشي" (12) تعريف شامل بكتاب الهداية للمرغيناني ومصنفه ومحشيه وما يتصل به (13) نظرة على حياة حافظ صحيح البخاري الشيخ عبد الصمد السهسواني الهندي (14) سراج الفقهاء المفتي محمد نظام الدين الرضوي المصباحي حياته وخدماته (15) نظرة على حياة الشيخ العلامة محمد يس أختر المصباحي وخدماته ومآثره الجليلة (16) تحقيق وتعليق على شرح نزهة النظر للشيخ سيد وجيه الدين العلوي الغجراتي الهندي، كلها باللغة العربية، وغير ذلك.حفظه الله من بلاء الدنيا والآخرة واستخدمه في نشر الإسلام طول عمره.آمين.
          ومن هنا أبناء الجامعة الأشرفية ولها دورة فسيحة وخدمات قيمة للإسلام القويم لا تنسى مدى الدهر، صان الله سبحانه تعالى علماء أهل السنة والجماعة ومدارسهم وجامعاتهم في الدنيا كلها من الفوادح والنوازل جميعها. آمين بجاه سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم.

             أبوعاتکة أزهار أحمد الأمجدي المصباحي غفرله             
خریج كلية أصول الدين، قسم الحديث، جامعة الأزهر الشريف، مصر۔
خادم الإفتاء بمرکز تربیة الإفتاء، أوجھاگنج، بستی، یوپی، الھند۔
إی میل: fmfoundation92@gmail.com
رقم المحمول: 00918318177138

Featured Post

  مبسملا و حامدا و مصلیا و مسلما             یار غار امیر المؤمنین حضرت ابوبکر صدیق اکبر رضی اللہ تعالی عنہ کی ذات محتاج تعارف نہیں، حضور ...

Popular Posts